إجراء رقم 2644/94 شمعون
برتشيك
ضد المستشار القانوني
للحكومة. م ح (4), 341
إجراء رقم 2644/94
1-
شمعون برتشيك
2-
موشيه لور بربويم
ضد
المستشار
القانوني للحكومة
في
المحكمة العليا بصفتها محكمة العدل العليا 12/7/94. 22/6/94
نائب
الرئيس أ. براك
القاضية
ت. شتراسبورغ كوهن
القاضية
د. رورنر
طلب
لإصدار أمر احترازي
المحامي
حاي غرينبوم- باسم الملتمسين
المحامي
شي نيتسان- باسم المجيب.
قرار
نائب
الرئيس أ. براك
1- منشورات (داخل البلاد وخارجها) طرحت إمكانية زيارة ياسر عرفات الى
إسرائيل. على هذا الاستناد توجه الملتمسان إلى المجيب وطالباه بإصدار أوامر بفتح تحقيق جنائي ضد ياسر عرفات، وذلك بسبب
الاشتباه أن ياسر عرفات متورط في تنفيذ
أعمال جنائية خطيرة للغاية، ومنها مقتل والفتك مواطنين.
المجيب
رفض بتاريخ 19/1093 الطلب وهذا هو تعليله:
"لا
نملك المعلومات فيما إذا كان ياسر عرفات
سيصل إلى دولة إسرائيل أو إلى الحدود المسيطر عليها كما تدعي أنت. على كل حال فإن
الموضوع هو أكاديمي ونظري بشكل بحت، ولهذا السبب فقط من الأجدر عدم التطرق إلى
جوهر طلبك في كتابك. إلا أننا لم نجد جدوى من رفض إعطاء إجابتنا لجوهر الأمور. في
الظروف السائدة في هذه الأيام، بما فيها الاعتراف من قبل حكومة إسرائيل بمنظمة
التحرير الفلسطينية وتوقيع الاتفاق معها، وإجراء المفاوضات مع نفس المنظمة بشكل
عام وياسر عرفات بشكل خاص كاستمرار للإعتراف والإتفاق والإعلان المتبادل لإسرائيل
ومنظمة التحرير الفلسطينية، فلا توجد رغبة للجمهور- كالمعنى القضائي لهذا التغبير-
باتخاذ إجراءات جنائية ضد ياسر عرفات كما تطالب في رسالتك".
هذا
الرد لم يكفي الملتمسين. ومن هنا الالتماس الذي أمامنا. ويطالبان باصدار أمر يلزم المجيب
بفتح تحقيق جنائي ضد ياسر عرفات.
2- في
إدعائه أمامنا أشار السيد غرينبوم الى أن قرار المجيب بعدم إصدار الأوامر بالبدء
في تحقيق به عيب يتعلق بعدم المعقولية الشديدة. وهو يخالف القانون الدولي. وتعارض
قرارات هذه المحكمة التي حددت أنه في موضوع البدء في تحقيق جنائي، يجب إعطاء وزن
كبير لطابع المخالفات والتي حسب الإدعاء تنسب إلى المشبوه. الامتناع عن إجراء
التحقيق فيه إجحاف تجاه جميع السجناء الذين أدينوا في مخالفات تنسب أيضاً إلى ياسر
عرفات. في أقوال رده تطرق السيد نيتسان إلى التغيير الذي طرأ على علاقات إسرائيل
مع منظمة التحرير الفلسطينية. ووجه انتباهنا. بين الأمور، إلى تصريح المبادئ (من
تاريخ 13/9/93 المتعلق بالإتفاق المرحلي للحكم الذاتي بين حكومة إسرائيل وطاقم
منظمة التحرير الفلسطينية، والإتفاق المتعلق بقطاع غزة ومنطقة أريحا (الذي وقع
بتاريخ 4-5-94. في مقدمة الإتفاق صادق الطرفان على "إصرارهما بالعيش بتعايش وسلام،
الاحترام المتبادل والأمن مع الإعتراف بالحقوق الشرعية والسياسية المتبادلة; رغبتهم بالتوصل إلى سلام عادل وتمسكهم
بالإعتراف المتبادل والتعهدات الواردة في الرسائل من 9/9/93 والتي وقعت من قبلهم.
وتبادلت بين رئيس حكومة إسرائيل ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية".
السيد
نيتسان أكد بشكل خاص تعليمات الإتفاق (البند الثامن عشر) والتي "يتخذ الطرفان
جميع الوسائل الملزمة من أجل منع الأعمال الإرهابية، الجريمة والعداء الموجه ضد كل
واحد منهما". نعم تم توجيه نظرنا إلى تعليمات الإتفاق (البند الخامس
(20))" الفلسطينيون من خارج البلاد والتي يسمح بدخولهم إلى قطاع غزة ومنطقة
أريحا في أعقاب هذا الإتفاق. وإن تعليمات هذا البند تطبق عليهم، لا يقدموا إلى
المحاكمة بسبب المخالفات التي نفذت قبل الثالث عشر من شهر أيلول 1993". على
خلفية هذه الأمور. ادعى السيد نيتسان أمامنا أنه لا توجد "رغبة للجمهور"
في تقديم السيد عرفات إلى العدالة، لذلك لا يوجد سبب للتحقيق الجنائي. عندما توصل
المستشار القانون للحكومة إلى هذه الخلاصة كان هو على إطلاع على سياسة الحكومة.
والتي قررت الإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثلة الشعب الفلسطيني في إجراء
مفاوضات معها، والتوقيع معها على اتفاق سياسي. أضف إلى ذلك- يعتقد المستشار
القانوني للحكومة أن هنالك احتمالاً كبيراً، من أن البدء في تحقيق مع رئيس السلطة
الفلسطينية- والذي تجري معه حكومة إسرائيل مفاوضات- ستثقل على إجراء المفاوضات
وتطبيق الإتفاق الذي وقع بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وستضع حجار عثرة
على طريق المفاوضات، وحتى ستؤدي إلى عرقلته. بهذا يحتمل أن تضر سياسة الحكومة التي
ترمي إلى الاستمرار في إجراء مفاوضات موضوعية ومبنية مع منظمة التحرير الفلسطينية
ولتطبيق الاتفاق الذي وقع معها، وإبعاد العراقيل الممكنة من الطريق. حسب رأي السيد
نيتسان، فإن قرار المستشار القانوني للحكومة معقول، ولا أساس لتدخلنا.
3-
مصير الالتماس هو الرفض. المستشار القانوني للحكومة فحص معايير مناسبة وأعطاهم الثقل
المناسب. تقديم لاتهام جنائي- واجراء التحقيق الجنائي الذي يؤدي إليه- هو موضوع
خاضع لرأي (يشابه القضاء) إلى المستشار القانوني للحكومة. هذا الرأي يستند على
"بت في قيم الجدوى التي ستظهر للإطار الإجتماعي وذلك من جراء التقديم إلى
العدالة مقابل الضرر الذي سيؤثر على هذا الإطار من التقديم إلى العدالة والجدوى
التي ستظهر لها من عدم التقديم إلى العدالة" (إجراء رقم 935/89 غانور ضد
المستشار القانوني للحكومة م د 485 (2), 509).نعم في بعض الأحيان لا مفر من عدم
التقديم إلى العدالة- وفي أعقابها عدم التحقيق- وذلك عندما التقديم إلى العدالة
سيؤدي بعدها إلى تضرر شديد للمصالح والقيم التي يطالب المجتمع بالمحافظة عليها.
لأن هذا الضرر لا يوازي الجدوى التي ستظهر للمصالح والقيم التي جاء القضاء الجنائي
ليحققها بالتقديم إلى العدالة. هذه الرؤية وجدت تعبيرها في تقرير لجنة رجال
القانون حول صلاحيات المستشار القانون للحكومة (1996) ("لجنة اغرنات) التي
حددت (في ص 7):
"في
ظروف معينة. يحتمل أن يكون موضوع له قيمة أمنية، سياسية أو إجتماعية يلزم بعدم
تقديم الاتهام الجنائي".
حسب
رأي المستشار القانوني للحكومة، فإن الموضوع الذي أمامنا يقع في إطار هذه الحالات.
يبدو
لنا أن مستشاراً قانونياً معقول يحق له التوصول إلى هذا الاستنتاج. مقبول علينا
أنه في هذا الموضوع يحتمل أن تكون أفكار مختلفة لأشخاص مختلفين. إلا أن البت هو
للمستشار القانوني للحكومة (أنظر إلى إجراء رقم 426/94 أدلر ضد رئيس قسم التحقيقات
في شرطة إسرائيل (لم ينشر بعد); إجراء رقم 5883/93 ياهلوم، عضو كنيست ضد المفتش العام لشرطة
إسرائيل (لم ينشر بعد)).
4- من
الأجدر الإشارة، أن قرارنا هذا لا يتخذ موقفاً حول ماهية الأعمال التي حسب رأي
الملتمسين تبرر التقديم إلى العدالة. وتوجه الانتباه إلى رد المستشار القانوني
للحكومة الذي أشار إلى أن:
"لا
أساس لما أدعي في الالتماس، وكأنه في قرار المستشار القانوني للحكومة هذا مكان
"لعفو" لياسر عرفات عن أعماله في الماضي والتي أودت بمئات المواطنين
القتلى والجرحى. قرار المستشار القانوني للحكومة يستند فقط على استنتاجه أن
"الوزير لا يساوي ضرر الملك"- ذو معنَييْن. أي أن المستشار القانوني
للحكومة توصل إلى استنتاج مفاده أنه في الظروف اليوم فإن البدء في تحقيق ضد ياسر
عرفات سيؤدي إلى إلحاق أضرار جسيمة لمصالح الجمهور والتي لا تساوى الجدوى التي
ستظهر للجمهور في أعقاب هذا التحقيق.
هذا
القرار للمستشار القانوني للحكومة وفي هذه الظروف لا يحمل "الشرعية"،
ولا "العفو" ولا "العدل" ولا "الغفران". الالتماس
رفض.
القاضية
ت شتراسبورغ كوهن.
إني
أنضم إلى رأي زميلي المحنك القاضي براك والاستنتاج الذي توصل إليه وأرغب بإضافة
بعض الملاحظات:
المستشار
القانوني للحكومة أتخذ قراره بعد البدء في إجراءات جنائية ضد ياسر عرفات كما يطالب
الملتمس، في أعقاب اعتراف حكومة إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينية. إجراء
المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية ومن يتزعمها في إطار الخطوات لدفع عملية
السلام.
هذه
هي إجراءات سياسية لها طابع سياسي واضح، والتي تعتبر المعيار الفاصل للمستشار
القانوني للحكومة في اتخاذ قراره بعدم اتخاذ إجراءات ضد عرفات، لأنه يمكن أن تؤدي
إلى إلحاق أضرار في الإجراءات السياسية السالفة ومصالح الدولة والمجتمع.
الملتمس
ينتقد مباشرة قرار المستشار القانوني للحكومة، ولكن بشكل غير مباشر وحسب ماهية
التماسه فإنه ينتقد سياسة الحكومة التي تقف وراء القرار هذا، والتي تعارض تصوره
المتعلق بالمصالح الحقيقية للدولة والمجتمع.
الملتمس
يعتبر من أوساط هذا الجزء من الجمهور الذي يعارض بشدة طريق الحكومة بكل ما يتعلق
بعلاقاتها مع منظمة التحرير الفلسطينية ومن يترأسها. حسب تصوره فإن الحكومة تنتهج
طريقاً لا تعتبر طريقاً، والإتصالات مع منظمة التحرير الفلسطينية ومن يترأسها-
والتي تفاخر بالوصول إلى سلام- وما ينبع من ذلك عدم اتخاذ إجراءات جنائية ضد
عرفات، فهي تلك التي تضر بمصالح المجتمع والدولة، والتي ستوصلنا إلى الحفاظ على
تلك القيم، فهي ستنزل ضربة قاسمة عليهم. من هنا- حسب إدعائه- فإن المعايير التي
درسها المستشار القانوني للحكومة والتي تستند إلى هذه السياسة غير معقولة والوزن
الذي أعطي لها غير مناسب.
سياسة
الحكومة هي موضع الخلاف الجاد، والشرعي وهي تجزء الجمهور في هذا الموضوع. ما أجمل
الأمور التي قالها القاضي لاندو (كصفته آنذاك):
"لا
نملك توافق الرأي في هذا السؤال الأساسي" (إجراء رقم 58/68 بنيامين شليت
باسمه واسم أولاده ضد وزير الداخلية وآخرين خ ج (2) 477, 519.
"
قوة نظامنا الديمقراطي أنه يسمح لأصحاب الآراء المختلفة جداً بالعيش والنضال معاً
لصالح الأمور التي توحد الجميع" (هناك, 519) هذا الخلاف الجمهوري لا تستطيع
المحكمة تسويته.
"ماذا
تستطيع المحكمة من ان تقوم به لحل الخلاف الإديولوجي هذا، الذي يجزء الجمهور؟
الجواب هو: لا شيء، وكل من يتوقع الكلمة المنقذة من قبل القضاة فقط يوهم
نفسه" (هناك، 520).
أضيف
وأقول، أنه في موضوع النقاش الذي أمامنا، حتى وإن كانت المحكمة تستطيع عمل ذلك فإن
ذلك ليس من مهمتها. والذي يطالب بتغيير سياسة الحكومة في موضوع له طابع سياسي واضح
كما في موضوعنا، فليتوجه إلى قواعد اللعبة للأسلوب الديمقراطي الذي نعيش فيه. وحسب
هذه القواعد، فإنه من حق وواجب الحكومة وذلك بسبب التفويض الذي حصلت عليه، بتحديد
السياسة الخارجية، بما في ذلك خطة سلام وتنفيذها، وهي تتحمل المسؤولية أمام
الكنيست والجمهور.
يحق
بل من واجب المستشار القانوني إعطاء رأيه لهذه السياسة وأخذها في الاعتبار.
قراراته يجب أن تتخذ من داخل دراسة خاصة ويجب أن تكون معقولة. لكن، إذا كانت تقف
في هذه المطالب وتلائم سياسة الحكومة، فهذا لا يعتبر لاغياً، والمحكمة لا تتدخل في
قراره (أنظر إلى تقرير: رجال القانون في موضوع صلاحيات المستشار القانوني (1962،
نُشر في كتاب جلنجهوفر حول القانون الجمهوري (421- 426 (1993)).
أوافق
أقوال القاضي ماتسا في إجراء رقم 5883/93 شاؤول يهلوم ضد المفتش العام لشرطة
إسرائيل (لم ينشر بعد) ص 9: حيث قال:
"يبدو
لي أنني لن أنحرف عن حقيقة المعيار الذي يقلل , والمقبول علينا , إذا قلت أنه
آخذين بعين الاعتبار طابع القرار بحيث أن المدى السياسي له مكان مركزي. ولا يجب
القبول بأن المستشار القانوني للحكومة كان له أن يتخذ قراراً يقلص من أهمية
المعايير السياسية هذه".
وكيل
المستشار القانوني ادعى أمامنا أن قرار المستشار يستند على تعهد الحكومة في
الإتفاق الخاص بقطاع غزة وأريحا، حيث تم الإتفاق بين الأمور على عدم تقديم
الفلسطينيين الذين سيدخلون قطاع غزة ومنطقة أريحا والتي يسمح بدخولهم في أعقاب
الإتفاق، بسبب مخالفات نفذت قبل الثالث عشر من شهر أيلول 1993 (تاريخ تصريح
المبادئ).
كان
يجب على المستشار القانوني أخذ ذلك في الحسبان. وهو قام بذلك وتوصل إلى استنتاج
أنه يوجد احتمال كبير من أن البدء في التحقيق ضد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية
ستضر بسياسة الحكومة التي تستند على الإعتراف بأن هذه الطريق ستضع حداً للمواجهة
الإسرائيلية الفلسطينية.
هدأ
بالي من أن قراره يناسب معايير المراقبة القضائية.
من
الأجدر التأكيد، أن السؤال فيما إذا كانت سياسة الحكومة صحيحة أو معقولة لم تكن في
محور النقاش الذي أمامنا، والذي ورد سالفاً لا يعتبر موقفاً معيناً تجاهها.
القاضية
د. رورنر
يبدو
لي أيضاً ولأسباب نائب الرئيس أن مصير الالتماس الرفض.
تقرر
كما جاء في قرار نائب الرئيس أ براك.
صدر
اليوم بتاريخ 12/7/94.